بعد إنطلاق الربيع العربي، و وو خروج المغاربة للتظاهر مطالبين بالإصلاح الحقيقي، أعلن ملك المغرب محمد السادس عن مراجعة شاملة للدستور في خطاب 9 مارس 2011
في يوم فاتح يوليوز 2011، أجري إستفتاء على الدستور الجديد الذي جاء بمستجدات كثيرة لن ينكرها أحد
في إفتتاح السنة التشريعية الخامسة يوم الجمعة 14 أكتوبر 2011 حمل الخطاب الملكي، الذي ألقاه الملك محمد السادس، الحكومة و البرلمان المقبلين المسؤولية الكاملة في وضع و تنفيذ برنامج "طموح و مضبوط في أسبقياته و أهدافه و وسائل تمويله، و آليات تفعيله و تقويمه" .
رغم كل هذه التعديلات، إلا أن حركة 20 فبراير واصلت إحتجاجاتها و تمسكت بمطالبها و التي هي في سقفها لا تتعدى ملكية برلمانية الملك فيها يسود و لا يحكم و كل من لديه سلطة محاسب من طرف الشعب.
بالطبع بالنسبة لي، فأمرمقاطعتي كان محسوما منذ بداية الحراك الإجتماعي، ما دام الدستور الجديد لم يصغ من طرف لجنة منتخبة بل تكفلت به لجنة معينة. و أتذكر في هذا الخصوص بطل المغرب محمد بن عبد الكريم الخطابي رحمه الله، الذي علق على دستور 1962 قائلا:
"إن دستورا لم تأتي به لجنة منتخبة لا يمكن قبوله... لا نريد أن نكون أضحوكة الدستور المصنوع للمغاربة... إن التنصيص في هذا الدستور المزعوم على ولاية العهد ما هو إلا تلاعب، واستخفاف"و في أثناء تفعيله، ما الذي حدث في مجال الحريات ؟
رشيد نيني، الدواس...أين هم؟
و لكن، رغم كل هذا، قررت أن أتريث في الأمر و أحاول أن أرى عن قرب ما الذي جاء به دستور 2011 و الذي تأتي الإنتخابات المزمع إجراؤها يوم 25 نونبر 2011 كتفعيل له. هل سيسمح التعديل الدستوري لمن أنتخبه بممارسة السلطة دون خطوط حمراء و زرقاء و صفراء...و يتمكن من محاربة الفساد و الرشوة و ووو...و كل أهدافه التي أعلنها في برنامجه الإنتخابي.
لم أجد أحسن من يجيب عن تساؤلاتي هذه من أحد الخبراء "إدريس بنعلي"، الاقتصادي والأستاذ الجامعي المغربي، في استجواب مع يومية "المساء" في عدد يوم الخميس 6 أكتوبر 2011 :
"الدستور واضح في هذه المسألة. هل يمكن لحزب معين أن يقدم برنامجا سياسيا أو اقتصاديا؟ الدستور يقول إن القرارات الاستراتيجية للمغرب يجب أن يبت فيها مجلس الوزراء. معنى ذلك أنه يجب أن يصادق عليها الملك، فالحزب الذي يعرف مسبقا أن برنامجه سوف لن يعتد به، لماذا ينجزه. الآن كل الانتقادات موجهة إلى الوزير الأول، وأنا أظن أنه لا يجب توجيه سهام النقد إليه لأنه، حسب الدستور، ليس مسؤولا ولا يملك حق اتخاذ القرارات، فالذين يلومون الوزير الأول ربما يفعلون ذلك لأنهم يعتبرونه ذلك «الحائط القصير»، وهذا نوع من الجبن في نظري، وأعتقد أن عباس الفاسي كان واضحا منذ البداية، عندما سألوه عن برنامجه، فأجابهم : هو برنامج صاحب الجلالة. وحتى الوزراء الذين سيتولون نفس منصبه سيكون لهم نفس التوجه، لأن الدستور واضح في هذا الشأن. القرارات المهمة تتخذ داخل مجلس الوزراء وليس داخل مجلس الحكومة. إذن برامج الأحزاب ليست لها أي قيمة، لأنها بكل بساطة لن تطبق"
فالدستور الجديد يتضمن فصولا ديموقراطية، و هي فصول عهدناها حتى في الدساتير القديمة، و لكنه يحوي أيضا العشرات من الفصول التي تعرقل تنفيذ هذه الفصول الديموقراطية، فما منحته السلطة بيد تأخده بأياديها الأخرى.