شواطئ الموت


تمتاز مدينة سيدي إيفني بشواطئها الخلابة، في مقدمتها شاطئ الكزيرة الشهير الذي يتميز  بقوسه و جزيرته و أسده.


وهناك   شاطئ سيدي وارزك الذي يحتضن  عين للمياه الصالحة للشرب تنفصل عن مياه البحر أثناء الجزر.


و من الشواطئ الرائعة أيضا شاطئ الباركو الذي سمي بذلك نسبة للقارب الذي تقاذفته مياه المحيط ليحط الرحال فيه.



إلا أن هذا الجمال الطبيعي  يخفي وراءه مآسي عاشتها و ما زالت تعيشها العائلات بسيدي إيفني خصوصا و منطقة أيت بعمران عموما حيث مثلت هذه الشواطئ  نقطة إنطلاق لمئات من قوارب الموت و على متنها شباب و شابات المنطقة نحو جزر الكناري المقابلة لتعترض خفر سواحل إسبانيا طريقهم في الغالب.


بعض الحالات "تاتصوفا" كما يقول الشباب في سيدي إيفني أي أنها تتمكن من الوصول إلى الضفة الأخرى بسلام. هذا ليس حال قارب كان قد إنطلق في النصف الثاني من التسعينيات . تاه الركاب  في المحيط و بدأت أتعس هجرة سرية في تاريخ المدينة..إنتحر أول الشباب برمي نفسه في البحر بعد أن فقد كل أمل في النجاة، توفي الثاني الذي كان يعاني من السكري، بعد نفاذ مخزون مادة الأنسولين الذي أحضره، و هكذا دواليك. لم ينج سوى أحد الشباب الذي ظل يقاوم الموت من دون أكل و لا شراب، لأيام عدة، بعد أن تلقفته العناية الإلهية وو قدر الله أن يمر بقربه  أحد مراكب الشحن الدولية في وسط المحيط الأطلسي،  ليعود ليحكي للأهالي تفاصيل المأساة.
 رغم ذلك، ما تزال تعاني مدينة سيدي إيفني من سيطرة فكرة الهجرة السرية على عقول و قلوب الشباب، فلا   مسافة تزيد عن 400 كلم التي تفصلهم عن الجزر الجعفرية و لا حوادث مأساوية عدة  تدفعهم للتراجع . و من سبق له أن زار المدينة، سيلاحظ، خصوصا بالحي السياحي، أن الشباب و الأطفال يعبرون عن أحلامهم عبر رسومات على الحيطان، لقوارب على متنها عدد من الأشخاص في إشارة للهجرة السرية..
من القصص الغير العادية ، قصة الشاب عبد العزيز المرزوقي، الذي هاجر سريا في أحد قوارب الموت عندما كان يبلغ 15 سنة. كان رياضيا موهوبا في المنطقة  لكنه عانى من التهميش في بلده فقرر الهروب لأنه يحلم بمستقبل أفضل. في إسبانيا صار يحطم الأرقام الواحد تلو الأخر. فقرر مجلس الوزراء، في 26 مارس 2010، منحه الجنسية الإسبانية  بناء على طلب من جامعة العاب القوى الاسبانية . عبد العزيز مرزوقي إنطلق في قارب للموت   ذات يوم حارمن نونبر 2006 على الساعة الرابعة بعد الظهر،  ليصبح بطلا لأوربا و يطمح ليصبح بطلا أولمبيا و عالميا.


خصصت عدة جرائد حوارات مطولة معه للحديث عن مشوارة الغير الإعتيادي، و  و منها صحيفة إلباييس التي طرحت سؤالا عن رحلته عبر قارب الموت، فأجاب :
"Cuando veo por televisión la llegada de pateras, pienso que fui un loco. No volvería a hacerlo. Y quien esté pensando en hacer lo mismo, es mejor que se olvide".
 "عندما أرى على التلفاز وصول قوارب الموت إلى جزر الكناري، أظن أنني كنت مجنونا. لن أقدم على عمل مثل هذا في المستقبل.  و كل من  يرغب  في ركوب البحر من سيدي إيفني نحو الجزر، فخير له أن يقلع عن التفكير في هذا الأمر  "

أماه، لقد تحررت

منحة أوربية طارت به من المغرب إلى فرنسا.
كان سعيدا. كيف له أن لا يكون سعيدا و ما سيتقاضاه هناك  يقارب راتب أستاذ جامعي فرنسي ليس كالمنح في بلاده التي ظلت على حالها منذ الثمانينات، هذا إن تمكن الطالب من الحصول عليها..
لم يكن يعلم بأن ألما خاصا سيعتصر قلبه مع متعة إكتشافه لأوربا.
كان يظن كباقي المغاربة أنه فركفوني أو على الأقل  يتقن الفرنسية. إكتشف هناك أنه عندما يتكلم معه أحد الفرنسيين، فعليه أن يبذل مجهودا كبيرا كي يفهم ما يقول، فهو يتحدث بلغته الأم  ليس كما الحال بالنسبة له، فاللغة الفرنسية لغة أجنبية بالنسبة له كما إكتشف بنفسه في فرنسا، ليس كما يحاولون إقناعه بأنها لغة المغاربة عبر إعلامهم السخيف في بلده.
لم يكن هذا الإكتشاف الوحيد، شاء الله تعالى أن ييرمج جزء من دراسته في سنته الثانية في لشبونة، مدينة السبع هضبات، مدينة الأحياء التي ما زالت تحمل الأسماء العربية كحي الجيش و حي البركة. كان يعول على أن يتعلم اللغة البرتغالية في سنته الأولى لكنه فشل. كل ما تعلمه هو " أنا لا أتكلم البرتغالية Eu não falo português!".
كان لزاما عليه أن يبحث له عن كراء قبل مغادرته لفرنسا. إستعمل الأنترنيت لكنه إكتشف أنه عبد للفرنسية.
  • كل أبحاثه يجريها عبر النسخة الفرنسية لغوغل. كان يدخل كلمات للبحث باللغة الفرنسية.
  • و حثى عندما يجد إعلانا، كان يحرر رسالة لصاحب العرض باللغة الفرنسية و يترجمها عبر خدمة غوغل للترجمة إلى الإنجليزية، لأن إنجليزيته رديئة، لأن المناخ العام في بلده جعله يعتقد أن الفرنسية هي لغة التواصل العالمية. كان يعلم أن ذلك غير صحيح و أن لغة العصر هي الإنجليزية لكنه أهملها لصالح لغة مولييركي يجد له موقع قدم في المغرب. 
هنا في فرنسا إكتشف أن الفرنسيين يعلمون أبناؤهم الإنجليزية و يرسلنهم في أسفار إلى الولايات المتحدة الأمريكية و إنكلترا و إيرلندا كي يتقنونها. أحس كأنه عاش في الأكاذيب طول حياته. حتى الأوربيين و الطلبة من باقي الجنسيات الذين سيرافقونه للدراسة في البرتغال يتقنون الإنجليزية و شيئا من البرتغالية. لحسن حظه إكترى غرفة لدى برتغالي يتحدث الفرنسية.
نخوته دفعته إلى أن يسجل نفسه بدروس جامعية مكتفة لتعلم اللغة. لم يكن يحب أن يقال عنه أنه لم يستطيع تعلم اللغة . رغم أن فرص تعلم  الأخرين أقوى.
  • هم يسافرون إلى البلدان الناطقة بلغات مختلفة عن لغتهم.. 
  • لا تأشيرة تسجنهم في بلدهم.
  • في بلدانهم كل المعلومات تكتب بلغات متعددة حتى العربية. في بلده هو غالب الأحيان يستعمل المسؤولون لغة أجنبية واحدة في كل مرافق الحياة و يغفلون حتى اللغة الرسمية.
في البرتغال، إكتشف أن البرتغاليين و البرازليين  و الأنغوليين يتحدثون لهجات مختلفة لكنهم جميعا يعترفون  بأن الجميع  يتحدث اللغة البرتغالية. ليس هناك متحدث باللغة البرتغالية من الدرجة الأولى و من الدرجة الثانية. ليس كما عند العرب المشرقيين الذين يعتبرون المغاربيين عرب درجة ثانية.
إستمتع بإكتشاف حضارة البلاد. إستمتع بإكتشاف أن البرتغال هو بلد الفاءات الثلات :

  • فادو Fado و هو نوع من الموسيقى الحزينة الخاص بالبرتغاليين، و من أشهر المطربات المتخصصات في هذا النوع ماريزا Mariza dos Reis Nunes البرتغالية ذات الأصول الأنغولية

  • فاطمة Fátima و هي المدينة المقدسة التي يحج إليها كل المسيحيين من كل بقاع العالم

  • فووت   Futebol وهو هوس البرتغاليين الدائم

رويدا بدأ بتعلم اللغة.
لم يعد يحتاج لخدمات صديق مترجم.
صار يتدبر أموره بنفسه.
صار يستعمل النسخة البرتغالية لغوغل.
تقوى أيضا إهتمامه باللغة العربية.
صار يبحث في الأنترنيت بأربع لغات العربية و الفرنسية و الإنجليزية و البرتغالية.
لقد خرج من سجن الفرنسية الذي عاش  فيه في بلده.
إتصل بأمه هاتفيا، و قال لها "أماه، باركي لي، لقد تحررت".

جواسيس بيننا

أوردت جريدة "المساء" في عددها ليوم الخميس 9 شوال 1432 هجري الموافق ل 8 شتنبر 2011 ميلادي أن وكيليكس كشف عن أن برقية أمريكية تضمنت معلومات خاصة بشخصية عمدة مراكش فاطمة الزهراء المنصوري، حيث أخبرت السفارة الأمريكية المسؤولين في واشنطن  أنها تشتاق لنيويورك كلما طاردتها المشاكل. معلومة مثل هذه تبدو تافهة بالنسبة لنا لكنها ذات أهمية قصوى بالنسبة لمخابرات الدول الأخرى. فأي معلومات يتم نقلها من داخل البلاد  لها أهمية كبرى. و لدينا في نموذج الجاسوس الإسرائيلى ضابط الموساد إيفرلان جرين خير مثال، حيث كلفه رؤساؤه بنقل معلومات عن الأوضاع الداخلية لمصر عن طريق مشاركته في ثورة 25 يناير في مصر و إطلاعه عن طريق مطالعته للصحف و دردشاته اليومية مع المصريين.


الحصول على المعلومات واالتجسس يتم عادة عن طريق الوسائل الإعتيادية كالكاميرات و الأقمار الصناعية و التصنت على الهواتف ...

 لكن هناك أيضا تجسسا بطرق غير إعتيادية حيت تعمد دول عدة على توطين جواسيس محترفين غالبا في لباس سياح أو طلاب أو صحافيين أو عاملين في المجال الإجتماعي و الإنساني و غيره...غالبا ما يتجنب هؤلاء السكن في الفنادق و يفضلون كراء الشقق وسط السكان و يحررون تقارير عن الحالة الإجتماعية و الإقتصادية و النفسية للبلد و  هي معلومات  تبدو للعامة  عادية و معروفة،  لكنها  بالنسبة لدول أخرى و مخابراتها  معلومات  ذات أهمية قصوى. و من الأمثلة لهذا النوع من التجسس، الجواسيس الذي طردتهم الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن كانوا يقيمون على أرضها و يعملون لصالح أعدائها الروس

فن و رياضة من أجل فلسطين

 يحاول محمود عباس  رئيس السلطة الفلسطينية  الحصول على الإعتراف  بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة لتصبح العضو 194. هذا الإعتراف حصلت عليه فلسطين منذ زمن في الدول الإسلامية و منذ شهور في دول أمريكا اللاتينية حيث يشكل المهاجرون العرب و  الفلسطنيون من الجيل الثالث و الرابع قوة ضغط كبيرة خصوصا عبر الفن و الرياضة.
منذ وصول الأفواج الأولى للفلسطنيين المسيحيين النازحين من فلسطين إلى شيلي، إمتهن جلهم التجارة لكنهم إنتبهوا إلى أن  هويتهم مهددة فبادروا إلى إنشاء فريق النادي الفلسطيني  Club Deportivo Palestinoالذي إتخذ من العلم الفلسطين رمزا له. يعد هذا الفريق حاليا من أحسن الفرق التشيلية الممارسة  في الدوري الممتاز.
من اللاعبين الذي تميزوا في مشوارهم الرياضي في النادي الفلسطيني، روبرتو بشارة  Roberto Bishara، المدافع الهداف، و الذي دفعه حبه لفلسطين أرض أجداده إلى تفضيل اللعب لمنتخب فلسطين عوض اللعب لمنتخب التشيلي

كروبرتو بشارة، ينحدر فنان الكاريكاتير البرازيلي، كارلوس لطوف  Carlos Latuff،  من أصول لبنانية. ساهمت هذه الدماء التي تسري في عروقه في دفعه للإهتمام بالقضايا العربية و على رأسها قضية فلسطين المغتصبة، رغما عن الهجوم الذي يمارس عليه من طرف الصهيونية العالمية و التي تتهمه بمعاداة السامية، كما إستغات به ثوار مصر لدعم ثورة 25 يناير

تلاميذ ثائرون

و أنا أشاهد فيديو لحركة التلاميد و الطلاب الحركيين  التي تطالب بالإصلاح الحقيقي للمنظومة التعليمية عبر محاسبة المفسدين و إبعادهم عن مراكز القرار، تذكرت إحدى أهم ثورات التلاميذ في أمريكا اللاتينية



إنطلقت الشرارة الأولى لثورة التلاميذ في شيلي، و التي سميت بثورة البطاريق،  في شهر أبريل في إحدى  الثانويات لتنتقل عبر سائر ربوع البلاد بعد إستخدام التلاميذ للأنترنيت خصوصا المدونات التصويرية لتعبئة جميع التلاميذ
ثار التلاميذ على قوانين تعليمية بالية تحكم البلاد منذ سنوات الديكتاتورية و حتى بعد دخولها في مرحلة الديموقراطية و التي أدت إلى الإجهاز على التعليم و خصخصته
حاولت الحكومة قمع الثورة إعلاميا و أمنيا و سياسيا لكن دعم الشعب لثورة البطاريق أدى إلى تأجيجها و ساهم في نجاحها.



وعود الحكومة الفارغة لم تجد نفعا أمام إصرار التلاميذ على تحقيق مطالبهم  مما إضطر رئيسة الدولة ميشيل باشلي للتفاوض معهم و إلغاء القوانين الجائرة منذ عهد الديكتاتور بينوشي و إقرار قوانين جديدة للتعليم


أدت هذه الثورة  إلى الإطاحة بوزير التعليم  و تغيير السياسة التعليمية في شيلي  و الإنخراط  المؤسساتي و الشعبي  في إصلاح حقيقي شعاره "تعليم عمومي  جيد لجميع المواطنين"

إنتبه فأنت لص

إستيقظت هذا الصباح لأجد، بعد بحثي على الأنترنيت، أن أحد مقالاتي قد قرصن من طرف أحد ما و نسبه لنفسه.
ألمني هذا الأمر إيلاما كبيرا فقررت أن يكون موضوع تدوينتي هذه حول السرقة التي تنكرها جميع الأديان و تنبذها كل الأعراف و ترفضها كل الأجناس .
في مخيلة عامة الناس، السرقة مرتبطة بسلب شخص ما لشيئ مادي في ملكية الغير كسرقة السيارات و سرقة الأموال سواء بالعنف أو باللطف.



لكن هناك سرقة أكبر و أخطر و هي سرقة الأشياء الغير المادية كسرقة الأفكار.




 قد يترتب عن سرقة الأفكار هذه أثار سلبية كبيرة فكلنا يتذكرحكاية رمضان ساركوزي و ما أثاره من ردود الأفعال.بدأ الأمر بمقال ساخر للمدون أحمد و إنتهى الأمر بتهديد القاعدة.


كل سرقة هي سرقة و مرتكبها هو لص. مؤسف أن يجد المرء أن ما كتبه قد نسبه الغير لنفسه و في أقل الأحوال نشره بدون ذكر المصدر.
كتابة أي مقال تتطلب إجهادا فكريا و بحثا مضنيا و مثل هذه السرقات هي إحتقار للعمل و الإبداع.
أعجبك مقالي، شكرا. 
تشاركته على موقعك، شكرا.
لكن ينبغي عليك الإشارة إلى المصدر بأمانة  و ذلك بإضافة رابط نحو المقال أو المدونة. شكرا.

فوبيا التغيير

 بعد أن نجا من حادث، لم يعد اللاعب البوليفي راؤول كوتيريز  Raúl Gutiérrez  يتقبل فكرة ركوب الطائرات مما سبب له له مشاكل في مسيرته الكروية و إضطره أخيرا لإعتزال ممارسة اللعبة نهائيا.
مثل هذا اللاعب،  يعاني عدد كبير من المشاهير و النجوم و الناس البسطاء، من فوبيا ركوب الطائرات. و الفوبيا عموما  هي خوف و هلع غير طبيعي، غير منطقي، من مواجهة أمر أو القيام بسلوك، يحاول المصاب به تجنبه عبر الهروب  أو التهرب، كالخوف من الأماكن العالية أو الخوف من مواجهة الأشخاص.


 وهناك أنواع أخرى من الفوبيا كالخوف من التغيير الذي يعاني منه عدد كثير من المواطنين و يجعلهم يرفضون فكرة  أن يتحمل من ينتخبهم جميع المسؤوليات و يكون محاسبا من طرفهم.


تجد فوبيا التغيير، التي إبتلى بها عدد كبير من المواطنين، تفسيرا لها في نظرية متلازمة ستوكهولم وهو حالة نفسية  تصيب الفرد عندما يبدين سلبا.

إنها فوبيا التغيير التي أصابت مجتمعنا و للتخلص منها ينصح خبراء الصحة النفسية، في أغلب الحالات، بإعتماد  العلاج السلوكي،  وأكثر أنواع العلاج السلوكي المستخدمة في العلاج هي المواجهة.
 يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( إذا هِبتَ أمراً ، فَقَعْ فِيهِ فإن شدة تَوَقِيهِ أَعظمُ مما تخاف منه ).
في حالة مواطنينا الذين يعانون من الخوف من اليموقراطية، يمكنهم أن يستلهموا علاجهم من أحد تصريحات الرميد  الصحفية  الذي قال أن المغرب يحتاج إلى رجة.

أبناء فرنسا

إتصلت هذا الصباح بطبيب  لأخذ موعد لوالدتي، أجابتني سيدة على الطرف الاخر من الهاتف بفرنسية سليمة "Bonjour, cabinet du Docteur X" *. .إنتظرت أن تعيد نفس الرسالة باللغة العربية أو باللغة الأمازيغية، لكنها لم تفعل. سكتت لتستمع لما سأقوله.  إعتقدت لوهلة أنها فرنسية، و قررت أن أتحاور معها بلغتها درء ا للإحراج(لها بالطبع)...تصورت أننا وصلنا لمستوى عال من التقدم الذي يجعل الفرنسيات يقبلن بالعمل كسكرتيرات في عيادة طبية في المغرب تحت إشراف طبيب مغربي.".
لكنني تذكرت أنني في وطني المغرب كما في فرنسا، أغلب فواتيري و أغلب معاملاتي البنكية تتم باللغة الفرنسية.
تذكرت الموظفات في مراكزنا التجارية و هي تعلن عبر مكبر الصوت عن إعلان أو تنبيه باللغة الفرنسية كما يحدث في المراكز التجارية في فرنسا.
تذكرت أنني عندما أشاهد قناتنا الرياضية، أضطر لتهجي رموز كل فريق لكي أتعرف من يقصد مخرج المباراة كما يحدث لي مع القنوات الفرنسية و تذكرت أن بطولتنا صار يرمز لها ب بطولة BotolaPro تقريبا تقريبا كالبطولة الفرنسية.
تذكرت أن في مرجان المعلومات أغلبها بالفرنسية و أن المعلومات المهينة من قبيل "المرجو عدم لمس الأغدية"تكون حصريا باللغة العربية كما في فرنسا الفرنسيون العنصريون يستعملون  دائما لإحتقارنا كلمة "العربي الحقير".
تذكرت أن  جميع الفرنسيين يدخلون وطني بدون تأشيرة و أنني عندما أذهب إلى قنصلية بالمغرب ليس لي الحق أن أدخل إليها... ليس لي الحق أن أطأ تراب أي قنصلية فرنسية بالمغرب. كل ما يريد أن يعرفه المغاربة ملصق على الحائط خارج القنصلية و أن  كل مغربي يريد أن يترشح للتأشيرة، يسلم ملفه عبر نافذة صغيرة خارج القنصلية.
تذكرت برنامجا فرنسيا ساخرا يتهكم فيه مقدمو البرنامج الفرنسيين من المغاربة الذين تبنوا لغتهم.
تذكرت أن الإعلام الفرنسي إتهم وزيرا فرنسيا سابقا بالشذوذ الجنسي و بإغتصابه لأطفال مغاربة في مراكش، و أن  الوزير الناطق بإسم الحكومة  صرح بأن الحكومة المغربية عير معنية بهذا الأمر.
تذكرت أن فرنسا دولة عظمى تقدمت بلغتها  و تسعى بكل الوسائل لحمايتها و أن الأمية تتسيد في المجتمع المغربي و أن المغرب دولة ترفل في نعيم الجهل و اللغة الفرنسية.
تذكرت الوزير الأول المغربي الذي زار إسبانيا و أحرجه جهله و أحرج معه حتى مترجمة التلفاز  فصار يعتذر بلغة إرتبطت لديهم بذكريات مجازر إرتكبها أصحابها في بلده.
ثدكرت أن القنصليات المغربية تقترح على الروس الراغبين في الحصول على تأشيرة لدخول المغرب،  تعبئة مطبوع باللغة الفرنسية في بلد ناسه لا يستعملون الفايسبوك بل جلهم يميلون لإستعمال فكونتاكت  http://vkontakte.ru/  الذي يحترم خصوصيتهم اللغوية و الثقافية.
تذكرت كل هذا و غيره....
تنهدت في عمق و أنا أتحسر على وطني و أجبت  السيدة على الهاتف"السلام عليكم" ، ردت علي بالدارجة المغربية : "و عليكم السلام، عيادة الدكتور فلان".




* عبارة باللغة الفرنسية و تعني :   صباح الخير، عيادة الطبيب فلان

عاش الملك

هل التغيير يفرض من القمة أو يأتي من القاع. هل الشعب هو من يتغير و يغير أم المسؤولون هم من يأخذ المبادرة و يفرض التغيير.
جارتنا الشمالية قدمت لنا درسا رائعا في الإنتقال الديموقراطي الذي لم يدم أكثر من خمس سنوات و كانت لشجاعة الملك دورا كبيرا في وضع البلاد على السكة الصحيحة و التي أنتجت اليوم إسبانيا التي نراها التي تتفوق بميزانيتها على كل الدول العربية مجتمعة بنفطها و غازها و بحورها.
بعد تولي" الملك خوان كارلوس" Juan Carlos الحكم بعد رحيل" الجنرال فرانكو"Francisco Franco  سنة 1975، فهم بأن عهد الديكتاتوريات قد ولى و أن إسبانيا المحاطة بالديموقراطيات الأوربية لا يمكن أن تظل معزولة عن محيطها و و أنه ليس هناك إستثناء و إقتنع بأن الإنتقال الديموقراطي يجب أن لا يطول طويلا (في وقت كان فيه الإسبان يعيشون الفقر و الحاجة و مضطرين للهجرة لبلدان أخرى من بينها المغرب للعمل فيها كأجراء في الحقول).
بادر الملك خوان كارلوس إلى إرساء دعائم الديموقراطية، و في سنة 1981 تم إجراء أول إنتخابات حرة كان من نتائجها فوز"ليوبولدو كالفوـسوتيلو" Leopoldo Calvo-Sotelo,  برئاسة الحكومة.
يوم 23 فبراير 1981 و بينما كان الجميع في البرلمان ينصب حكومة السيد ليوبولدو كالفوـسوتيلو، قام مجموعة من الضباط و السياسيين من الحرس القديم بإقتحام قبة البرلمان برئاسة " أنتونيو طيخيرو مولينا" Antonio Tejero Molina. قام هؤلاء الضباط بإطلاق النار في الهواء و تهديد جميع الحاضرين.

كان حجتهم أن إسبانيا تتعرض لخطر و فتنة كبيرة تتمثل في هذه الديموقراطية التي في نظرهم لا تصلح للشعب الإسباني مصرحين بأن الملك كان في صفهم و يرفض أن تدمر إسبانيا عبر الفوضى.
خطب الملك في تلك الليلة خطابا تاريخيا في بضعة كلمات:
 "  الملكية كرمز لوحدة إسبانيا لن تسمح لأي كان بأن يعرقل بإستعمال القوة و العنف الإنتقال الديموقراطي الذي إنخرط فيه جميع الإسبان".

رد فعل سريع من الملك خوان كارلوس أفشل إنقلاب الجيش على الديموقراطية الناشئة في إسبانيا  مما دفع بالالاف من الإسبان للخروج  في شوارع المدن الإسبانية  محتفلين بالحرية،و مرددين بصوت واحد : "عاش الملك".

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

أشهـر مـواضيـعي

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More