أماه، لقد تحررت

منحة أوربية طارت به من المغرب إلى فرنسا.
كان سعيدا. كيف له أن لا يكون سعيدا و ما سيتقاضاه هناك  يقارب راتب أستاذ جامعي فرنسي ليس كالمنح في بلاده التي ظلت على حالها منذ الثمانينات، هذا إن تمكن الطالب من الحصول عليها..
لم يكن يعلم بأن ألما خاصا سيعتصر قلبه مع متعة إكتشافه لأوربا.
كان يظن كباقي المغاربة أنه فركفوني أو على الأقل  يتقن الفرنسية. إكتشف هناك أنه عندما يتكلم معه أحد الفرنسيين، فعليه أن يبذل مجهودا كبيرا كي يفهم ما يقول، فهو يتحدث بلغته الأم  ليس كما الحال بالنسبة له، فاللغة الفرنسية لغة أجنبية بالنسبة له كما إكتشف بنفسه في فرنسا، ليس كما يحاولون إقناعه بأنها لغة المغاربة عبر إعلامهم السخيف في بلده.
لم يكن هذا الإكتشاف الوحيد، شاء الله تعالى أن ييرمج جزء من دراسته في سنته الثانية في لشبونة، مدينة السبع هضبات، مدينة الأحياء التي ما زالت تحمل الأسماء العربية كحي الجيش و حي البركة. كان يعول على أن يتعلم اللغة البرتغالية في سنته الأولى لكنه فشل. كل ما تعلمه هو " أنا لا أتكلم البرتغالية Eu não falo português!".
كان لزاما عليه أن يبحث له عن كراء قبل مغادرته لفرنسا. إستعمل الأنترنيت لكنه إكتشف أنه عبد للفرنسية.
  • كل أبحاثه يجريها عبر النسخة الفرنسية لغوغل. كان يدخل كلمات للبحث باللغة الفرنسية.
  • و حثى عندما يجد إعلانا، كان يحرر رسالة لصاحب العرض باللغة الفرنسية و يترجمها عبر خدمة غوغل للترجمة إلى الإنجليزية، لأن إنجليزيته رديئة، لأن المناخ العام في بلده جعله يعتقد أن الفرنسية هي لغة التواصل العالمية. كان يعلم أن ذلك غير صحيح و أن لغة العصر هي الإنجليزية لكنه أهملها لصالح لغة مولييركي يجد له موقع قدم في المغرب. 
هنا في فرنسا إكتشف أن الفرنسيين يعلمون أبناؤهم الإنجليزية و يرسلنهم في أسفار إلى الولايات المتحدة الأمريكية و إنكلترا و إيرلندا كي يتقنونها. أحس كأنه عاش في الأكاذيب طول حياته. حتى الأوربيين و الطلبة من باقي الجنسيات الذين سيرافقونه للدراسة في البرتغال يتقنون الإنجليزية و شيئا من البرتغالية. لحسن حظه إكترى غرفة لدى برتغالي يتحدث الفرنسية.
نخوته دفعته إلى أن يسجل نفسه بدروس جامعية مكتفة لتعلم اللغة. لم يكن يحب أن يقال عنه أنه لم يستطيع تعلم اللغة . رغم أن فرص تعلم  الأخرين أقوى.
  • هم يسافرون إلى البلدان الناطقة بلغات مختلفة عن لغتهم.. 
  • لا تأشيرة تسجنهم في بلدهم.
  • في بلدانهم كل المعلومات تكتب بلغات متعددة حتى العربية. في بلده هو غالب الأحيان يستعمل المسؤولون لغة أجنبية واحدة في كل مرافق الحياة و يغفلون حتى اللغة الرسمية.
في البرتغال، إكتشف أن البرتغاليين و البرازليين  و الأنغوليين يتحدثون لهجات مختلفة لكنهم جميعا يعترفون  بأن الجميع  يتحدث اللغة البرتغالية. ليس هناك متحدث باللغة البرتغالية من الدرجة الأولى و من الدرجة الثانية. ليس كما عند العرب المشرقيين الذين يعتبرون المغاربيين عرب درجة ثانية.
إستمتع بإكتشاف حضارة البلاد. إستمتع بإكتشاف أن البرتغال هو بلد الفاءات الثلات :

  • فادو Fado و هو نوع من الموسيقى الحزينة الخاص بالبرتغاليين، و من أشهر المطربات المتخصصات في هذا النوع ماريزا Mariza dos Reis Nunes البرتغالية ذات الأصول الأنغولية

  • فاطمة Fátima و هي المدينة المقدسة التي يحج إليها كل المسيحيين من كل بقاع العالم

  • فووت   Futebol وهو هوس البرتغاليين الدائم

رويدا بدأ بتعلم اللغة.
لم يعد يحتاج لخدمات صديق مترجم.
صار يتدبر أموره بنفسه.
صار يستعمل النسخة البرتغالية لغوغل.
تقوى أيضا إهتمامه باللغة العربية.
صار يبحث في الأنترنيت بأربع لغات العربية و الفرنسية و الإنجليزية و البرتغالية.
لقد خرج من سجن الفرنسية الذي عاش  فيه في بلده.
إتصل بأمه هاتفيا، و قال لها "أماه، باركي لي، لقد تحررت".

5 تعليقات:

إتصل بأمه هاتفيا، و قال لها "أماه، باركي لي، لقد تحررت".
هههههههههههه كم أضحكتني هذه الجملة

جميلة.. واصل رحلتك بكل حرية.. تحياتي

رائع رائع شئ رائع وانا اتمنى ان يكون راي للشعب في هدا الموضوع

أن يكون الإنسان سجين ثقافة ملغومة.. فعلاً، لقد تحرر !! هنيئاً له

صفوان، شكرا لتفاعلك الدائم
خالد زريولي، فك الله أسر إخواننا الذي ما زالوا يعانون في سجن الفرنكفونية.
shababe، الشعب قد حدد موقفه، الهوية المغربية أولا و أخيرا.
نسيم الفجر، في إنتظار أن نهنئ باقي الشعب المأسور في سجون الفرنكفونية على التحرر.
شكرا لكم

إرسال تعليق

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

أشهـر مـواضيـعي

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More