اللهم لا شماتة


أكيد أن الجميع يعرف  لعبة " الرجل المشنوق" و هي لعبة تعتمد على  تخمين الحروف اللازمة لتكوين كلمات مطلوبة، و كلما أخطأ اللاعب في التخمين تكونت و ضاقت حلقات المشنقة  حول عنق الرجل، و في حالة توالي الأخطاء تنتهي اللعبة بفشل اللاعب و شنق الرجل.


ما حدث للقذافي يشبه بشكل كبير ما يحدث في هذه اللعبة. القذافي لم يكن يعلم بأن زمن التغيير قد حان و ظن بأن ما حدث في تونس و مصر لن يحدث في بلده، و هذا خطؤه الأول لأن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بمعزل عن محيطه و يلزمه أن يتغير دائما من أجل أن يحافظ على بقائه. ثم توالت الأخطاء. حاول القذافي أن يقمع الثورة في بدايتها فإستعمل وسائل غاية في القساوة وصلت حتى القصف الجوي لبنغازي، و هذا خطأ ثاني . ثم حاول العقيد تخويف الغرب من شعبه بإعتماد فزاعة القاعدة و الإرهاب و هذا خطأ ثالث. رغم المحاولات التي بذلها الإتحاد الأفريقي لرأب الصدع، تعنت الأخ القائد وهذا خطؤه الرابع. وصلت المعارك لطرابلس و وصل الثوار كما وعدوه(جاينيلك جاينليك لعقر دارك) لعقر باب العزيزية المحصن ، و رغم ذلك إستمر في التعنت و لم يعر إهتماما لصوت العقل معتقدا أنه ما زال يستطيع حسم الأمور. هرب لسرت حيت تبعه الموت إلى هناك و لقي حتفه على يد الثوار.


ليس القذافي الرئيس الوحيد الذي أعدمه شعبه، بل سبقه في هذا الديكتاتور الروماني نيوكلاي شاوشيسكو الذي حكم بلاده بالنار و الحديد فثار عليه شعبه و هرب إلا أن الجيش قبض عليه و أعدم رفقة زوجته إيلينا أمام عدسات التلفزيون.


ليس الرؤساء وحدهم الذين قتلهم شعبهم بل حتى الملوك أيضا، فالملك لويس 16 الذي أعدم بالمقصلة بعد أن أدين بمحاولة حرمان الشعب من الحرية التي ضحى من أجلها بتحالفه مع المفسدين و لصوص المال العام.


الملك الإسباني إستفاذ من درس أخر الملوك الفرنسيين و قاوم بشجاعة ناذرة كل محاولات الردة التي برزت بعد إنخرإط الإسبان في الديموقراطية بل تصدى للجنرالات و السياسيين الذي حاولوا الإنقلاب على الحكومة المنتخبة متخليا بذلك عن كل الصلاحيات لرئيس الحكومة المنتخب، مكتفيا ببعض المهام الشرفية كتمثيل البلاد في المنتظمات الدولية و ممارسة العفو.

كان الملك خوان كارلوس حكيما، كان يعي أن ممارسة السلطة بدون محاسبة تؤدي بالإنسان إلى الظلم و الإستبداد. و قد أتبثت هذا التجارب العلمية من أشهرها تجربة قام بها العالم زيمباردو في غشت 1971 حيث قسم طلبته إلى مجموعتين، مجموعة تلعب دور السجانين و الأخرى تلعب دور المسجونين. بعد 6 أيام، توقفت التجربة عندما لاحظ العالم أن الوضعية خرجت عن نطاق السيطرة نتيجة سلوكات غير عادية تبناها الطلبة في أدوارهم.و قد أعاد  فيلم "الموجة" الألماني إبراز نتائج هذه التجربة عبر  محاكاة  ينجزها أستاذ مع تلاميذه كي يتلمسوا مفهوم الديكتاتورية و أسباب نشوء  الإستبداد.

6 تعليقات:

مقال ثري

شكرا على العلومات التي سقتها بتناسق كبير
دمت بخير

دمت طيبة سناء.
شكرا لدعمك

موضوع جميل و لاسيما تعريجك على الفيلم الألماني الرائع
دمت مثقفا و مبدعا تحياتي

هل يعرف هذا القادة العرب ...

شكرا صفوان
المهاجر المتمرد : يعلمون لكن لا يتعظون

مقالة رائعة غنية بالمعلومات اجمل شيئ ان تسرد الحاضر مُقارنا بالماضي , التاريخ غني بالدروس والعبر لكن كل الزعماء لا يجيدون استخلاصها لكنهم دائما وابدا يعشقون الكتابات المكيافيلية

إرسال تعليق

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

أشهـر مـواضيـعي

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More