عبر عن نفسك بلغتك ~ خواطر يوسف

كعاشق لفريق الرجاء الرياضي، غالبا ما أبحر عبر موقع هذا الفريق العريق. أخر مرة، زرته،، وقعت عيناي على أية قرآنية كريمة كتبت على الشكل التالي.

9ala allaho ta3ala :modabdabina la 2ila ha2ola2i wala 2ila ha2ola2i...sada9a allaho al3adim..

أمضيت وقتا طويلا و أنا أحاول أن أفك الخط لأستنتج أخيرا أن الأمر يتعلق بالأية 143 من سورة النساء، و أن ما أراد أي يقوله كاتب التعليق هو :

قال الله تعالى : مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء... صدق الله العظيم

تذكرت في هذه اللحظات أحد معلمي في الإبتدائي عندما كان يقول لنا في القسم أنه ليس مهما أن يكون خطنا جميلا و لكن يجب أن يكون مقروءا من طرف الأخرين. لو صادف معلمي هذا التعليق، كان سيقول لكاتبه "ليس مهما أن تكتب بالحروف اللاتينية و لكن يجب أن يكون ما كتبته سهل القراءة بالنسبة للأخرين، و في حالة اللغة العربية فالأنسب إستعمال الحروف العربية".
كثير من الناس يعتقد أن ما يفعله على مواقع الأنترنيت لا أهمية له و الحقيقة أن كل ما نفعله و و نحن أمام حاسوبنا، و مهما بدا لنا تافها، له قيمة. عندما ننقر على رابط، عندما نعلق على صورة، عندما ندخل كلمات البحث في أحد محركات البحث، عندما نختار لغة ما في حسابك على الياهو.....كل هذا يتم تجميعه على شكل نتائج في ما يسمى مكتب المساندة الخلفي back office و يقوم المهندسون و التقنينون بإستثمارها. فمثلا عبر هذه النتائج يمكن لشركة تعرف اللغة الأكثر إستعمالا من طرف الزبناء و بالتالي إعتمادها كلغة أساسية في برامجها و تحديد إستراتيجيتها اللغوية.
عندما تختار لغة أجنبية في تواصلك مع أي موقع، فأنت ترسل رسالة للمسؤولين فيه بأنك تفضل التعامل بهذه اللغة عوض لغتك الوطنية.
بالله عليك، ألا يخجلك أن تضطر للبحث عن معلومة بلغة أجنبية.
ألم يسبق لك القول : "ما كاين والو بالعربية في الأنترنيت".
ألا يزعجك أن تبحث عن فيديو يتحدث عن ميكانيك السيارات في اليوتوب و تجد فيديو يتحدث عن الجنس في السيارة، كما أورده عُمر عاصي في أحد تدوينته.
تأثرت!!
يمكنك أن ترقى بلغتك ، و ذلك عبر سلوكاتك اليومية.
عندما تستعمل بطاقتك البنكية و يقترح عليك الصراف الآلي اللغات المتوفرة للتواصل، إختر اللغة العربية.
عندما تتصل بالمجيب الآلي لشركة الإتصالات التي تخصك، و يقترح عليك الضغط على الرقم الموافق للغة التي تريد التواصل بها، إضغط على الرقم الموافق للغة العربية.
عندما تعبئ طلبا خاصا بالإدارة، إملأ كل الخانات من إسم و عنوان و مهنة و غيره باللغة العربية.
إجعل فايسبوكك باللغة العربية، بداية ستتيه و لكن ما إن تتعود حتى تصير الأمور أبسط.
شارك في اليوتوب و أنشأ محطتك الشخصية و ضع عليها كل ما تظنه مفيدا. يمكنك أن تصور مراحل إصلاحك لعجلة دراجتك، يمكنك أن توثق لرحلتك السياحية في إحدى المناطق المغربية، يمكنك أن تنقل محاضرة علمية.. و لكن لا تنسى أن تعنونه بعنوان باللغة العربية.
إذا كنت معلما، فيمكنك أن تربي النشء الصغير على حب اللغات الوطنية و الإعتزاز بالهوية. أتذكر معلمنا الذي كان يصر على أن نكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) باللغة العربية قبل كتابة التاريخ باللغة الفرنسية في مادة اللغة الفرنسية.
التكنولوجيات التي غزت كل مناحي الحياة، من أنترنيت و هاتف نقال، توفر لك فرصة رائعة الحفاظ على هويتك عبر الحروف العربية للتعبير عن نفسك. كتابة اللغة العربية بإستعمال الحروف اللاتينية كانت ضرورية عندما كانت الحواسيب لا تدعم اللغة و لا تتضمن لوحات مفاتيح خاصة بها أما الان فالأمر تغير. زد على ذلك، فالكتابة بالدارجة المغربية أو باللغة العربية و لكن بحروف لاتينية تقتل الرسالة و مضمونها.
تذكر أول يوم إستعملت فيه لوحة المفاتيح اللاتينية، لقد تهت لتجد حرفا و تصببت عرقا لتجد حرفا أخر و إستنجدت بصديق لتجد حرفا ثالثا، و الان، أنت تحفظ لوحة المفاتيح عن ظهر قلب. إذن المسألة ليست مسألة سهولة، لكن المسألة هي مسألة تعود تستلزم قليلا من الصبر في البداية. تذكر أنك بإستعمالك لحروف عربية، تساهم في إنتاج المعرفة و جعلها في متناول الجميع بلغتك

عدد كبير من المفكرين يؤكدون أنه لا نهضة إلا باللغة الوطنية. أينما وليت وجهك في العالم، كل الدول إعتمدت على لغاتها الوطنية لتحقيق الإقلاع الإقتصادي و الثقافي، إلا نحن...نعم إلا نحن. إلى متى سنتشبت بتلابيب اللغات الأجنبية .