حاكمة الصحراء، الثائرة دوما و أبدا

حكاية الثورة مع سيدي إيفني حكاية لا تنتهي. في 100 سنة الأخيرة، ثارت أكثر من مرة.



  • معركة إيكالفن
    سنة 1912، يدخل الإستعمار الفرنسي المغرب تحت قناع الحماية. بعد 4 سنوات، وصلت الجيوش الفرنسية مدعومة بجنود من بني جلدتنا (لكن موالية لفرنسا)  إلى تيزنيت. سنة كاملة كانت لازمة لإعداد الخطة لدخول منطقة أيت بعمران من أجل الوصول إلى قلبها مدينة سيدي إيفني. توغل الفرنسيون بقيادة  الجنرال دولاموط و بمساعدة جنود القائد حيدا المنبهي  قائد الجنوب في منطقة تسمى إيكالفن. دارت معركة   بين جيوش تتوفر على أعتى الأسلحة أنذاك من طائرات و مدافع و إمكانيات مادية و بين مجموعة من المقاومين البعمرانيين المتسلحين بالبنادق و بالإيمان القوي بالإنتصار. تحولت تلك المعركة إلى كارثة و هزيمة لم تتوقعها فرنسا و لا من والاها. فر الفرنسيون و معهم الخونة إلى تيزنيت يجرون أذيال الهزيمة و يندبون الحظ الذي رماهم في طريق رجال شجعان لا يهابون الموت. في كتابه "معركة إيكالفن و نهاية القائد الكبير لسوس  حيدا المنبهي " ينوه الأستاذ الجامعي المغربي كيكر إلى أن البعمرانيين كانوا سيغيرون مجرى التاريخ عبر هذه المعركة، كان يكفي أن يستمروا في مطاردة الفرنسيين و سحقهم في تيزنيت بإستغلال الحالة النفسية المزرية التي كانوا يعانون منها. كان تحرير تيزنيت يعني بإعتماد منطق أحجار الدومينو تحرير سوس بالكامل و يعني تحرير المغرب و من بعده تحرير كل شمال أفريقيا و من هناك تحرر باقي الدول المستعمرة. سيدي إيفني أخلفت موعدها مع التاريخ، توقفوا في نصف الطريق و إكتفوا بدحر المعتدين و عادوا برأس القائد حيدا المنبهي ليطوفوا به في الأسواق مهددين كل من تسول له نفسه التفكير في دخول سيدي إيفني.  
  • ثورة 1947 و زيراة فرانكو
    دخلت سيدي إيفني تحت الحماية الإسبانية بعد موافقة سكان القبائل على ذلك و موافقة ممثليهم الشرعيين المجتمعين في الحي التاريخي أمزدوغ بجبل بولعلام. وافق البعمرانييون على دخول الإسبان لسيدي إيفني و نواحيها لعدة أسباب : إتقاء عدوان وشيك للفرنسيين قصد الإنتقام من الهزيمة المذلة في معركة إيكالفن سنة 1917، و كذلك للظروف الصعبة التي كانت تعاني منها ساكنة المنطقة التي حاصرها المستعمر الفرنسي من جميع الجهات لمدة تفوق أكثر من 15 سنة،...كان ما كان و دخل الإسبان لسيدي إيفني متكلفين بالإدارة المحلية متعهدين بعدم التدخل في الشؤون المحلية للسكان. الإسبان كانوا يعلمون قيمة هذه المدينة و قيمة سكانها فجعلوها عاصمة للصحراء. أقام المقيم العام الإسباني في بناية أنشئت على شكل قصبة صحراوية. صارت كل أمور الصحراء تحدد في سيدي إيفني. قلما تجد ملفا في الأمم المتحدة يتحدث عن الصحراء إلا وجدته يتحدث عن سيدي إيفني، حتى الكتب التي تستعملها جبهة البوليزاريو لمحاربة المغرب، تتحدث غالبا عن سيدي إيفني كحاكمة للصحراء.  جرت الرياح بما لا تشتهي السفن الإسبانية. قرر الإسبان تجنيس كل البعمرانيين لأن في إعتقادهم أن سيدي إيفني مدينة إسبانية منذ الأزل. كان لهذا القرار وقع سيئ على نفسية السكان الذين ثاروا مرة أخرى. ثلاث سنة من حرب العصابات إنتهت بتجميد قانون التجنيس و بزيارة تاريخية للجنرال فرانكو للمدينة سنة 1950 من أجل تطييب خاطر البعمرانيين. سيدي إيفني هدأت. أخلفت ميعادها مع التاريخ و لم تطلق شرارة تحرر المغرب.  
  • ثورة 23 نونبر1957
    إستقل المغرب و البعمرانيين ما زالوا يعيشون تحت كنف الحماية (التي تحولت لإستيطان) الإسبانية. قامت ثورة 23 نونبر 1957 التي أرخت لمرحلة جديدة في علاقة الإفناويين بالإسبان. حرب عصابات طويلة دامت ثلاتة سنوات خلفت أكثر من 1600 قتيل إسباني و العديد من الجرحى و المرضى النفسانيين كما زفت العديد من الشهداء ما زالت لوحة تاريخية في وسط أشهر ساحة بالمدينة ( و التي يعرفها الجميع بإسمها الأصلي بلاصا سبانيا رغم أن إسمها أستبدل بعد الإستقلال ليصبح ساحة الحسن الثاني) تحمل أسماء بعضهم. إنتهت تلك الحرب القاسية، التي سماها الإسبان الحرب المنسية، لكن لم تنتهي تبعاتها التي ما زال يعاني منها الإسبان و البعمرانيون على حد سواء لحدود الساعة.
  • السبت الأسود
    عادت سيدي إيفني لحاضرة الوطن. كانت قبلا تحتضن مؤسسات للتعليم العالي و أحد أكبر مستشفيات مغرب ما بعد الإستقلال، أحد أرقى الميناءات في العالم و هو ميناء محمول قضت شركة إنجيليزية في دراسته و إنجازه أكثر من 20 سنة، حديقة حيوان، ملعب معشوشب، ملعب التيران، مطار دولي، شوارع مجهزة و قنوات صرف صحي، أكثر من أربع سينمات و مسرح و حدائق بالجملة. بعد سنوات، ضاعت حديقة الحيوان و جمد المطار و ضاع المستشفى و تهاوت البنايات التاريخية و بني ميناء جديد لتعويض الميناء المحمول الذي لم يعد يسمح بالعمل فيه. فقدت المدينة كل بريقها، لم يعد الطلبة يأتون لها لمتابعة دراساتهم العالية بل لم تعد تتوفر حتى على ثانوية. تلاميذها الذين قضوا سنوات تمدرسهم قبلا باللغة الإسبانية، فرضت عليهم الدراسة باللغة الفرنسية. كان قدر سيدي إيفني أن تثور يوما، فثارت و كان سبتا أسودا. أخلفت سيدي إيفني موعدها من التاريخ و تركت شرف إطلاق الربيع الثوري لمدينة سيدي بوزيد.
     
    و تستمر الحكاية.  سيدي إيفني قد تهدأ قليلا،  لكن قدرها دائما أن تثور

4 تعليقات:

سيدي افني كانت أفضل قبل أن تصبح تحت حكم المغرب !!!

مصطر لكي أقول لك صحيح و لو كان الإستعمار كله ذل

ليس استقلالا ذاك الذي أهينت فيه كرامتنا طوال نصف قرن

صحيح يا صفوان. خرج الإستعمار من الباب و دخل من النافذة

إرسال تعليق

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

أشهـر مـواضيـعي

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More